Skip to main content

يومٌ أخير جميل

                                 

كان صباح اليوم السابق لسفري. كانت مشاعري فارغة جداً، لم أشعر بشيء.  أمي حرصت أن يكون الغداء تماماً كما أحب. صحن خضار مليء بالربيان. شوربة كريمية بالربيان. و لحسن الحظ شيء جديد: سمبوسة ربيان. كان الغداء الوداعي مع أهلي، و شعرت بكثير من الحب. 

بعد الغداء مباشرة ذهبت مع لطيفة و عائشة لتوديع أفراد عائلتي. بدأنأ الجولة، و قد إحتوت على الكثير من الدموع، لكن ليس مني، بل من أهلي. حقاً لا أعلم كيف كنت أشعر وقتها، كل شيء بدى لي غريب جداً، و لكن طاقة الحب كانت عالية جداً.  الجميع عبر لي عن مدى فخرهم بما سوف أفعله غداً. الجميع بمعنى أقل: كان سعيد لي.  

عدنا إلى البيت في تمام الساعة الحادية عشر، و بدأت بترتيب ملابسي فوراً. أمي فعلت كل شيء من الألف إلى الياء، و أنا جلست على سريري أحدق عليهم جميعهم، أردت أن أتذكر تلك اللحظة، أردت أن أبتسم حين أتذكرها. أردت أن أحمد الله لاحقاً و دائماً على ذلك اليوم. 

نمت كالعادة مع عائشة، صديقة النوم و الغرفة منذ ١٦ سنة.  كنا معاً في تلك الغرفة تماماً كأن أي يوم طبيعي.  إستمعنا لكذا أغنية، و أغلبها تودعني، جميعها كان لحنها حزين، و لكن واحدة فقط جلعتني أقدر وجود أخواتي معي.  لا أتذكر كلماتها ولا اسمها، و لكنها كانت فقط جميلة. 

أسكتها بطريقة مهذبة أعتقد و قلت لها أنني سأنام. و لكنني أتمنى الآن أنني لم أسكتها، و أنني فقط نمت على نغمات ذلك اللحن الذي بدأ بملئ خزان مشاعري الفارغة. 

كانت نومة جميلة. فقط جميلة. لم أحلم بشيء، و لم أصحى كل ساعة تماماً كأيام الأسبوع كله. أخر يوم في سريري، مكاني، غرفتي، بيتي كان: جميل. 

التاسع من أغسطس، ٢٠١٤. 

Comments

Popular posts from this blog

التوأم

كانت الساعة ٣:٥٠ فجراً بالتوقيت الشرقي لأمريكا. صحيت على رسالة من صديقتي تذكرني بموعدي الساعة الرابعة (اي أنه كان بعد عشر دقائق) لمقابلة بعض الطالبات اونلاين من خلال مكالمة سكايب للحديث عن تجربتي في الأمم المتحدة. كان الجو بارداً جداً، و الضباب يغطي الجبال التي عادةً ما أراها من نافذتي. اخذت وقتي و ببطء أعددت كوب القهوة الصباحية، و حتى لا أزعج زميلتي اليابانية في الغرفة، خرجت بهدوء للصالة. بين كوب القهوة السوداء الحار الذي انسكب هنا و هناك، و بين حملي للابتوب و الشاحن و الهاتف، جلست على الكنبة الخضراء الجديدة و فتحت حسابي في سكايب إستعداداً لهذا اللقاء الذي حدث قبل حوالي سنة، و حقاً لم أعلم حينها أنني كنت على وشك مقابلة أحد أكثر الشخصيات تميزاً (و حرفياً و فعلياً) تشابهاً في حياتي.  قابلتهم بالصدفة من خلال ذاك اللقاء. من بين عشرات الطالبات الآتي شاركن في النقاش في تلك المكالمة، كان هناك شيءٌ مختلف لاحظته في هذا التوأم. اتذكر إنبهاري بهم و إعجابي بهذه الشخصية الرائعة التي إنقسمت بين شخصين بالتساوي. دائماً ما نقابل أناسٌ ننبهر من عقولهم و تفكيرهم منذ اللقاء الأول، و لكن هذه كان...

Two Days With Dad يومان مع والدي

*This blog post was written only two days before my dear father's accident -may he rests in peace-. *هذا المقال كُتب يومان فقط قبل وفاة والدي الحبيب رحمه الله  Tears may express both happiness and sadness. A shaking voice can describe either fear or sorrow. A shivering body can describe all of the mentioned above. But what if, only if at one point in life, all of these emotions combine together to crash the human's body? What if our emotions can break our hearts in a second, then build them back again in the next?  الدموع قد تعبر عن كلا السعادة و الحزن. الصوت المكسور قد يعبر عن الخوف و الأسى. الجسم المرتعش قد يعبر عن جميع ما ذكر بالأعلى. و لكن ماذا إذا، فقط إذا في وقفة معينة في الحياة، كل هذه المشاعر تجتمع سوياً لتكسر جسد الإنسان؟  ماذا إذا كانت مشاعرنا قادرة على كسر قلوبنا في لحظة، و إعادة بنائها في الثانية التي تليها؟  Goodbyes are meant to happen to everyone. As I grow up, I realize how hard they can be depending on whom I'm saying goodbye to....

"Glocal" at the United Nations Youth Assembly

Those who dream, will definitely achieve.  The efforts we put into chasing our goals will be recognized.  Our faith in God, and those long nights praying with so much hope in our hearts.  The taste of accomplishment, that happiness, the laughter, oh and those tears of pure joy.  Standing up for the right, and fighting for the good.  We were all born great, but at the end of the day, it is up to us to realize that greatness and use it proactively.  Nobody’s better than the other, we are made different so we can come together and join those differences together for our own good.  If we’re the same, then competing will never get us anywhere, because “team work makes the dream work” according to a great wise friend of mine.  Working hand by hand to reach the finish line will get us further and further in life.  This past week, I had the honor to be the Saudi Delegate to the United Nations Youth Assembly, and this is the story of how this week t...