Skip to main content

رمضان



كانت بدايته جميلة، وضعت فيها خطط كثيرة عن مقدار الأدعية التي سأطلقها من قلبي، عن ختمة القرآن التي سأختمها، عن طرق مختلفة للتقرب من الله، عن الزيارات المختلفة التي سأوصل فيها الرحم بأفراد عائلتي الذين لم أراهم من فترة، عن دعوات السحور و الإفطار المبكرة من الحماس الذي سبق الشهر، و عن مقدار الأكل الذي ربما سيملأ جسمي أكثر من الازم. 

و لكنني بدأت ليلته و أول يوم فيه بزيارة لعيادة الأسنان. مع زيادة روحانية رمضان، و بينما عم فرح أكثر في كل مكان، و حين إستشعرت حب هذا الشهر تحت تأثير بنج أدوات الدكتور إستوعبت وقتها مدى حاجة الإنسان لله في أقل الأشياء. كثر الأكل الذي خططت له، و لكن أعصاب أسناني قلت، بينما قلت شهيتي، مما يعني أن وزني أيضاً قل. دعيت لله، لكن ليس الدعوات المخبأة من السنة كلها، بل دعيت للرحمة من ألم الأسنان و صداعها.

أقل الأشياء تأثر، و أصغر الأدعية الصادقة تستجاب.  لدينا رب رحيم، كبير، ودود، عزيز، رحمن يغفر لنا على إبتسامة أو سلام.  ربي إستجاب دعواتي و ألم أعصاب المخلوعة توقف فوراً، عندها أيقنت أن حتى أصغر الأعمال ستحدث فرقاً بإذن الله.  

بدأت بعائلتي و من أحب، حاولت بشتى الطرق أن أتخلى عن برود مشاعري و أن أعبر لهم عن حبي الجم الذي أكنه لكل فرد منهم.  بدأت باللحظة التي قررت منها، لم أأجل شيء، و تأكدت من أن قلبي كان يستمتع بكل لحظة، بينما عقلي كان بكامل وعيه وقتها و سجل كل شيء لكي تبقى الذكرى العظيمة كعظمة عائلتي و هؤلاء الذين أحبهم. 

عمل الخير و كسب الأجر سهل جداً في رمضان. أفرحت قلوب و رأيت إبتسامات نابعة من القلب، فقط لأنني: تكلمت.  مخططاتي في بداية هذا الشهر المبارك نجحت و فعلت و أنجزت و قابلت الكثير.  مواعيد أسناني التي انتهيت منها منذ يومان كانت سبب فقط من الله لكي افتح عيناي أكثر على النعم التي تحاوطني، و الناس الذين يحبوني و أحبهم أكثر. 

لم يبقى الكثير، فإستثمروا ما تبقى بالدعاء، و عبروا عما تشعرون به لمن تحبون الآن، و في هذه اللحظة. 

كل رمضان و أنتم بخير إن شاء الله. 

Comments

Popular posts from this blog

Two Days With Dad يومان مع والدي

*This blog post was written only two days before my dear father's accident -may he rests in peace-. *هذا المقال كُتب يومان فقط قبل وفاة والدي الحبيب رحمه الله  Tears may express both happiness and sadness. A shaking voice can describe either fear or sorrow. A shivering body can describe all of the mentioned above. But what if, only if at one point in life, all of these emotions combine together to crash the human's body? What if our emotions can break our hearts in a second, then build them back again in the next?  الدموع قد تعبر عن كلا السعادة و الحزن. الصوت المكسور قد يعبر عن الخوف و الأسى. الجسم المرتعش قد يعبر عن جميع ما ذكر بالأعلى. و لكن ماذا إذا، فقط إذا في وقفة معينة في الحياة، كل هذه المشاعر تجتمع سوياً لتكسر جسد الإنسان؟  ماذا إذا كانت مشاعرنا قادرة على كسر قلوبنا في لحظة، و إعادة بنائها في الثانية التي تليها؟  Goodbyes are meant to happen to everyone. As I grow up, I realize how hard they can be depending on whom I'm saying goodbye to....

خطوة للأمام A Step Forward

سمك كنعد مقلي فوق رز أبيض. إجتمعت عائلتي حول هذه الوجبة الأخيرة، و بدأت شخصياً بالإستمتاع بالوجبة التي بدأت بها إجازتي و التي تنتهي بها الآن. في البداية، الجميع  حول السفرة كان يسأل عن موعد عودتي لأمريكا و كأننا جميعاً نريد أن نطمأن أنفسنا بأن لازال لدينا الكثير من الوقت معاً. المزيد من الوقت لسمك أكثر، شاي بالحبق و السكر، ليالي السمر، و غيرها.  و الآن، الجميع يسألني عن موعد عودتي للمملكة.  نحاول دائماً أن نضع "خطة ب" لكي لا يصدمنا الواقع بسرعته بما يحمله لنا من أحداث لنعيشها. جميعنا نختار الرحيل، لكن ذلك لا يخفف من قوته أبداً.  Fried fish on top of white rice.  My family gathered around this last meal, and I was personally enjoying the dish which started and ended my summer trip to Saudi.  Everyone around the table asked me about the date of my return trip back to the States at the start of the summer, as if we were all trying to reassure ourselves that we still have plenty of time together.  More time for more fish, more sweet tea with mi...

التوأم

كانت الساعة ٣:٥٠ فجراً بالتوقيت الشرقي لأمريكا. صحيت على رسالة من صديقتي تذكرني بموعدي الساعة الرابعة (اي أنه كان بعد عشر دقائق) لمقابلة بعض الطالبات اونلاين من خلال مكالمة سكايب للحديث عن تجربتي في الأمم المتحدة. كان الجو بارداً جداً، و الضباب يغطي الجبال التي عادةً ما أراها من نافذتي. اخذت وقتي و ببطء أعددت كوب القهوة الصباحية، و حتى لا أزعج زميلتي اليابانية في الغرفة، خرجت بهدوء للصالة. بين كوب القهوة السوداء الحار الذي انسكب هنا و هناك، و بين حملي للابتوب و الشاحن و الهاتف، جلست على الكنبة الخضراء الجديدة و فتحت حسابي في سكايب إستعداداً لهذا اللقاء الذي حدث قبل حوالي سنة، و حقاً لم أعلم حينها أنني كنت على وشك مقابلة أحد أكثر الشخصيات تميزاً (و حرفياً و فعلياً) تشابهاً في حياتي.  قابلتهم بالصدفة من خلال ذاك اللقاء. من بين عشرات الطالبات الآتي شاركن في النقاش في تلك المكالمة، كان هناك شيءٌ مختلف لاحظته في هذا التوأم. اتذكر إنبهاري بهم و إعجابي بهذه الشخصية الرائعة التي إنقسمت بين شخصين بالتساوي. دائماً ما نقابل أناسٌ ننبهر من عقولهم و تفكيرهم منذ اللقاء الأول، و لكن هذه كان...