Skip to main content

صدمتي في والدي



إن كانت هناك حروف قادرة على تعبير ما اشعر به لكتبت في أبي منذ زمان. ذهب فرحان تاركاً في قلوبنا ذكريات من حياةً سعيدة معه، أيام عطرة تبدأ بتقبيل رأسه الذي تفوح منه رائحة العود و العطور. سنين كبرنا فيها في بيت علم و ثقافة. أحاطتنا الكتب من كل مكان، و قرأنا مقالاته منذ الصغر بفخر عظيم حتى إذا لم نفهم أي شيء في محتوى المقال من صغر أعمارنا. صوره زينت مجلسه بمغامرات مختلفة ألهمتنا لنكبر و نصل لمستوى والدنا. إبتسامته نقية، و ضحكته جميلة. والدي فرحان كله على بعضه تركنا ملاك. ترك اثره الطيب هنا و هناك، قدم قبل أن يأخذ، علم و ربى. 

أفكاري مشتتة، و مشاعري لها عون الله.  فرحان العقيل في رحمة الله، أبي رحل، والدي توفاه الله، بابا مات...  إستيقضت فجر يوم الثلاثاء للذهاب للمدرسة، لكن جوالي جعل سريري يهتز فإرتعش قلبي من هذه المكالمة الباكرة. تعوذت من إبليس و تذكرت فرق الوقت، لكن بعد ثواني لا أتذكر الكثير غير شعوري الحازم بالنكران لذلك الخبر الذي سمعته عبر الجوال.  صدمة لم تهز سريري فقط، بل حياتي كلها. خبر دمرني تماماً.  ذكريات كثيرة تسارعت بالإصدام في رأسي. فوالدي هاتفني عصر يوم الأثنين بشرني بوصوله للسعودية بينما كانت الساعة هناك بين الثامنة و العاشرة. هاتفني و صوته كله فرح.  "هلا أبوي" اخر من سمعت، اخر ما أتذكره عن صوته، اخر ما رحبني به. أدمعت عيناي فرحاً لوصوله بالسلامة و أملاً بلقياه قريباً. كيف يعقل؟ 

يومي أصبح كابوس، قلبي نبض بسرعة عجيبة، رأسي آلمني من صداع هذه الصدمة، جسدي إستسلم لذلك الخبر. والدي رحل، كيف؟ أبي توفاه الله، متى؟ كان أمامي، والله أنه كان بصحة و عافية، لكن في النهاية، رضيت بقضاء الله و قدره.  فكرت بالرجوع للمملكة، لكنني تذكرت أن آخر وصاياه لي كانت بالإستمرار بطلب العلم و رفع رأسه. قال لي أنني قوية، و قلت لنفسي أين تلك القوة و سندي قد رحل؟ أفكار كثيرة لعبت في عقلي، كلام كثير دار في مخيلتي، ذكريات كثيرة مرت أمام عيناي لأعيشها مرة اخرة. 

لم أصدق في البداية، لأن الكوابيس لا تستمر للأبد. لكن هذا الخبر لم يكن كابوس، لأن هاتفي لم يتوقف عن الرنين، و صور دفن والدي كانت تُرسل لي من قبل ناس لا أعرفهم حتى. الكل تعاطف معي بسبب بعدي عن عائلتي خلال هذه الفترة، لكنني تذكرت كلام والدي و تحصنت به و بإيماني. رضيت بقضاء الله و قدره، و سأصبر من أجله. سأعيش من أجله، سأبتسم له، سأكتب، سأدرس، سأكون كوالدي.  صدمات كهذه قادرة على تدمير بعض الناس، لكن أبي حذرني منها و وصاني بالصبر و القوة و الإيمان بالله. سأتحصن بإيماني و تربيته لي لأغدو بنت أفضل في المستقبل، بنت كوالدي فرحان. 

اللهم ارحمه و اسكنه الجنة. اللهم برد عليه في قربه. اللهم آنس وحشته. اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة. اللهم اجمعنا به في الفردوس الأعلى. اللهم ارحم موتانا و موتى المسلمين.  



Comments

Popular posts from this blog

Hoping before McDowell's School Board

Not every exchange experience is the same, simply because every student is different, and every place is different too. Comparing an experience to another is a huge mistake, yet looking at each one individually triggers curiosity to those who are not part of it to know more.  Not every day is rainbows and sunshine, but surly not every other day is clouds and rain. One bad day shall never ruin a year long experience, and one good day will create memories that will spring in the happiness of many other days to come.     My day today was one of a kind. A day that shall keep me motivated for a good period of time. It's a day that I can smile at and tell myself that I actually invested my time in the project of my successful ways of living. I'll never be the wise person who advises people with powerful talks.  I'll never be the big boss who's in charge. Instead, or at least for now, I am going to live for the present and do my best in influencing a change in this community.

24 في الرضا، الامتنان، والاستقرار.

يقال في أحد كتب باولو كويلو أننا جميعاً في رحلة سعي دائمة في البحث عن "الكنز الكبير" في حياتنا. الكنز هنا  تعبير مجازي، ولمخيلة كل قارئ الحرية في السفر لأبعد المسافات في تصور طبيعة هذا الكنز، سواءاً كان علم، صحة، مال، أو غيرها من الأمور.    لذلك، ماذا لو ابحرنا قليلا لسا بخيالاتنا، لكن بواقع هنا وهناك. بما نراه اليوم في حياتنا من أشخاص، ما نستشعره حولنا من نعم من الله، ما نسمعه من واقع، ما نتنفسه من هواء بارد صافي، ما نتعلمه من دورس، ومن رفقة من هم حولنا من أشخاص نحبهم ويحبوننا، نقدرهم و نحترمهم، ونسعى في رحلة البحث هذه أن نكن على قدرٍ كامل من الوعي لإدراك وجودهم وكل هذه النعم حولنا.     اليوم أصبح عمري 24، وأكتب هنا بالعربية لعلي أستمتع ببلاغة هذه اللغة وجلالة حروفها التي تكون لنا معاني. استذكر السنة الماضية من عمري، وسنواتي الأربعة والعشرون هذه، وكل ذكرى كانت جزء من رحلة السعي هذه تجاه وجهة مختلفة.   أستذكر قصص تسميتي بـ "رزان". كيف كان هناك يوما في مجلس جدي فهد وعاء لقرعة أسماء مختلفة لربما كنت لأصبحها يوما، لكن والدي ممازحاً أمي وأخواتي، أخذ مسؤولية الكتابة على

Twelve Countries Uniting with Love for One Nation's Host Families

Sending small messages to more than five continents and ten countries could be extremely hard.  But finding the people who would respond to my messages with open hearts and a loud "YAS!" to something that I had to say was a piece of cake.  Having those strong connections made my last few nights light with happiness, because I was reminded through my friends' words, reactions, and pictures that the future really does belong to those of us who care about making it a better place to live for all.  We all shared one similar past during our time as exchange students in the United States in the school year of 2014-2015.  We said "Yes" to a new life that was full of new adventures and wild experiences.  We agreed to cross the Atlantic and the Pacific, because we strongly believed in our power, future, and in our own selves.  Age was not an obstacle, for we drew an amazing picture of America.  Yet the most important parts of this whole year were and forever will