Skip to main content

التوأم

كانت الساعة ٣:٥٠ فجراً بالتوقيت الشرقي لأمريكا. صحيت على رسالة من صديقتي تذكرني بموعدي الساعة الرابعة (اي أنه كان بعد عشر دقائق) لمقابلة بعض الطالبات اونلاين من خلال مكالمة سكايب للحديث عن تجربتي في الأمم المتحدة. كان الجو بارداً جداً، و الضباب يغطي الجبال التي عادةً ما أراها من نافذتي. اخذت وقتي و ببطء أعددت كوب القهوة الصباحية، و حتى لا أزعج زميلتي اليابانية في الغرفة، خرجت بهدوء للصالة. بين كوب القهوة السوداء الحار الذي انسكب هنا و هناك، و بين حملي للابتوب و الشاحن و الهاتف، جلست على الكنبة الخضراء الجديدة و فتحت حسابي في سكايب إستعداداً لهذا اللقاء الذي حدث قبل حوالي سنة، و حقاً لم أعلم حينها أنني كنت على وشك مقابلة أحد أكثر الشخصيات تميزاً (و حرفياً و فعلياً) تشابهاً في حياتي. 

قابلتهم بالصدفة من خلال ذاك اللقاء. من بين عشرات الطالبات الآتي شاركن في النقاش في تلك المكالمة، كان هناك شيءٌ مختلف لاحظته في هذا التوأم. اتذكر إنبهاري بهم و إعجابي بهذه الشخصية الرائعة التي إنقسمت بين شخصين بالتساوي. دائماً ما نقابل أناسٌ ننبهر من عقولهم و تفكيرهم منذ اللقاء الأول، و لكن هذه كانت أول مرةٍ لي حقاً أنتهي من لقاء اونلاين و أقف مع نفسي إنبهاراً و إحتراماً لما شهدته من معرفة و ثقة و تواضع من شخصين في المرحلة الثانوية. 

مرت الشهور، و حدثت صدفة أخرى، و شاء الله أن أقابلهم مرةً أخرى. أتذكر دهشتي و حماسي عندما رأيتهم و  تذكرتهم. لم يعرفنني من البداية، و لكنني شعرت و كأنني أعرفهم من زمن بعيد. ملامحهم لم تكن واضحة قبل أشهر بسبب النت الضعيف بين أمريكا و السعودية، فلم أكن متأكدة تماماً إن كانتا حقاً ذلك التوأم الذي قابلته. أشرت بيدي كذا مرة من مسافة إلى أن لاحظن شكلي المضحك بكل هذه التلويحات من شخص غريب. تقابلنا اخيراً، و كانت من أجمل الصدف. قالوا أنهم يتابعون أخباري و مدونتي، خجلت قليلاً و أبتسمت كثيراً من سعادة حقيقة أصابتني من كلام هذا التوأم الشغوف و الطموح و الناجح، حديثٌ كبير و شيق من توأم في المرحلة الثانوية. هل كان إنبهاري من الصدفة، أم الأسلوب، أو مستوى المعرفة و العلم الذي برز من حديث استمر عشر دقائق؟ 

قالوا لي الكثير عن حياتهم الأكاديمية، و طموحهم في الإلتحاق بنفس برنامج التبادل الثقافي في أمريكا الذي شاركت فيه منذ أربع سنوات و من ثم العودة للوطن للإتحاق بكلية الطب. قالوا لي تلك الليلة على العشاء عن مقولةٍ يؤمنون بها: "بطموحي أبني المستحيل."

بعد حوالي سنة كاملة منذ لقاءنا، ها هما الآن حقاً يحققون هذا الطموح. ودعتهم أمس في المطار مع مجموعة الطلاب المسافرين لأمريكا من أجل برنامج سنة التبادل الثقافي. ودعتهم بقلبٍ ثقيل و كأن قطعة مني تسافر في شخصين لخوض تجربة عظيمة. تقابلنا قليلاً هذه السنة، لكن تحدثنا كثيراً خلالها عن المستقبل و ما يحمل من فرصٍ و تجارب. لقائي بهذا التوأم في هذه الصدف العديدة لم يكن صدفة عند الله، فقد تقابلنا لسبب، و تعلمنا من بَعضُنَا البعض الكثير لسبب. جعلاني أُدرك أهمية الحاضر و ما يحمله من فرص المستقبل من حرصهم. جعلاني أرى نفسي فيهم من تشابه الآمال و الطموح و من هذه التجربة الآن في أمريكا، ربما لهذا السبب شعرت و كأن قطعة مني تسافر معهم الآن. جعلاني أقدر الصدف التي تُقَدَّر لنا من الله لكي نجتمع مع ناسٍ بهذا النقاء و الصفاء يحملون معهم امال الحاضر و طموح المستقبل. ودعتهم و نظرت للخلف لأرى ملابسهم من بعيد التي كُتب عليها "عنان السماء طموحنا". 

لماذا أكتب عنهم؟ لأنني رأيت بريق الآمال في أعينهم كلما تكلموا عن المستقبل، و شعرت بروح أحلامهم و سعيهم لتحقيقها في أفعالهم التي شهدتها و سمعت عنها منهم خلال هذه السنة. ألهموني لأعود للمدونة و لأكتب لا عن نفسي و لا عن تجاربي، بل عنهم هم بينما نمضي أماماً لتجربة نعيش لها هُنَا و الآن. 

Comments

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أسعد الله اوقاتك بكل خير
    اخوك / نايف بن عبد العزيز الصقر
    مشرف تغطيات الهفوف و المبرز حسابات عيون الشرقية
    و محرر صحيفة مدينة العيون بالأحساء

    نتمى من أن تلبوا دعوتنىء للمشاركة في فعالية ملهمون و الذي يبرز تأثير الشباب الأحسائي الملهم في المملكة العربية السعودية و البصمة لجييل الشباب عليه نرجوا الرد واتساب على رقم التواصل 00966566531230

    ReplyDelete
  2. Good morning Ms. Razan,

    You are a role model and as an inspired, ambitious, and highly motivated young Saudi I would like to learn a lot from you using whatever communication method you might find convenient as I have some questions.
    I'm not a bot, you can find my linked in profile below.

    I would really appreciate it, even if you just read it.
    Have a nice day.


    https://sa.linkedin.com/in/mohammed-khalifa-alenezi

    ReplyDelete

Post a Comment

Popular posts from this blog

Hoping before McDowell's School Board

Not every exchange experience is the same, simply because every student is different, and every place is different too. Comparing an experience to another is a huge mistake, yet looking at each one individually triggers curiosity to those who are not part of it to know more.  Not every day is rainbows and sunshine, but surly not every other day is clouds and rain. One bad day shall never ruin a year long experience, and one good day will create memories that will spring in the happiness of many other days to come.     My day today was one of a kind. A day that shall keep me motivated for a good period of time. It's a day that I can smile at and tell myself that I actually invested my time in the project of my successful ways of living. I'll never be the wise person who advises people with powerful talks.  I'll never be the big boss who's in charge. Instead, or at least for now, I am going to live for the present and do my best in influencing a change in this community.

24 في الرضا، الامتنان، والاستقرار.

يقال في أحد كتب باولو كويلو أننا جميعاً في رحلة سعي دائمة في البحث عن "الكنز الكبير" في حياتنا. الكنز هنا  تعبير مجازي، ولمخيلة كل قارئ الحرية في السفر لأبعد المسافات في تصور طبيعة هذا الكنز، سواءاً كان علم، صحة، مال، أو غيرها من الأمور.    لذلك، ماذا لو ابحرنا قليلا لسا بخيالاتنا، لكن بواقع هنا وهناك. بما نراه اليوم في حياتنا من أشخاص، ما نستشعره حولنا من نعم من الله، ما نسمعه من واقع، ما نتنفسه من هواء بارد صافي، ما نتعلمه من دورس، ومن رفقة من هم حولنا من أشخاص نحبهم ويحبوننا، نقدرهم و نحترمهم، ونسعى في رحلة البحث هذه أن نكن على قدرٍ كامل من الوعي لإدراك وجودهم وكل هذه النعم حولنا.     اليوم أصبح عمري 24، وأكتب هنا بالعربية لعلي أستمتع ببلاغة هذه اللغة وجلالة حروفها التي تكون لنا معاني. استذكر السنة الماضية من عمري، وسنواتي الأربعة والعشرون هذه، وكل ذكرى كانت جزء من رحلة السعي هذه تجاه وجهة مختلفة.   أستذكر قصص تسميتي بـ "رزان". كيف كان هناك يوما في مجلس جدي فهد وعاء لقرعة أسماء مختلفة لربما كنت لأصبحها يوما، لكن والدي ممازحاً أمي وأخواتي، أخذ مسؤولية الكتابة على

Twelve Countries Uniting with Love for One Nation's Host Families

Sending small messages to more than five continents and ten countries could be extremely hard.  But finding the people who would respond to my messages with open hearts and a loud "YAS!" to something that I had to say was a piece of cake.  Having those strong connections made my last few nights light with happiness, because I was reminded through my friends' words, reactions, and pictures that the future really does belong to those of us who care about making it a better place to live for all.  We all shared one similar past during our time as exchange students in the United States in the school year of 2014-2015.  We said "Yes" to a new life that was full of new adventures and wild experiences.  We agreed to cross the Atlantic and the Pacific, because we strongly believed in our power, future, and in our own selves.  Age was not an obstacle, for we drew an amazing picture of America.  Yet the most important parts of this whole year were and forever will